-->

مصر نمودج تنموي عربي


مقدمة: تعتبر مصر نموذجا لدولة نامية في إفريقيا و الشرق الأوسط و العالم العربي، استطاعت ورغم الإكراهات الطبيعية والضغط العسكري أن تحقق نموا اقتصاديا ملحوظا حيث احتلت الرتبة 39 عالميا ناتجها الداخلي الخام.فما الخصائص الطبيعية و البشرية بمصر؟وبماذا تنفرد التجربة التنموية المصرية؟
I-تؤثر الخصائص الطبيعية و البشرية في التنمية الاقتصادية بمصر:
      1 : يطغى الطابع الصحراوي على الوسط الطبيعي لمصر
-تقع مصر في أقصى شمال شرق إفريقيا يحدها البحر الأبيض المتوسط شمالا والسودان جنوبا و البحر الأحمر شرقا وليبيا غربا. تنقسم إلى ثلاث مجالات هي:الصحراء الشرقية وشبه جزيرة سيناء ثم الصحراء الغربية ثم واد النيل الذي يقسم الصحراء المصرية إلى قسمين ويمتد من الجنوب إلى الشمال حيث ينتهي المصب بدلتا واسعة مكونا سهلا فيضيا ذو تربة رسوبية وخصبة.
-يعم معظم أراضي مصر مناخ صحراوي و الذي يتميز بنذرة التساقطات و سيادة الجفاف و وارتفاع درجة الحرارة بينما يسود مناخ متوسطي في اقصى الشمال "خاصة المناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط – تنعكس هاته الخصائص الطبيعية على توزيع الأنشطة الاقتصادية "الفلاحة و أيضا على توزيع السكان"
    2 - تتميز ساكنة مصر بخصائص المجتمعات النامية :
تشهد مصرا نموا ديموغرافيا سريعا و مرتفعا نظرا لارتفاع نسبة النمو الطبيعي و تهيمن الفئة النشيطة على البنية العمرية لساكنة المصرية فهي توفر طاقات منتجة (يد عاملة) من جهة ولكنها تعيق التنمية من جهة أخرى (ارتفاع نسبة البطالة) ويتوزع السكان بشكل متفاوت بين المناطق بحيث تتمركز أهم الكثافات السكانية في الشمال وخاصة بدلتا النيل حيث توجد اكبر مدن مصر . لكنها تتراجع كلما اتجهنا صوب المناطق الداخلية و الجنوبية
II- ساهمت الإصلاحات في تنمية القوة الاقتصادية  بمصر :
1 – تحتل مصر مكانة اقتصادية هامة على الصعيد العالم النامي
احتلت مصر الرتبة 39 عالميا من حيث الناتج الداخلي الخام سنة 2000 مما جعلها تحتل مكانة هامة على مستوى الدول النامية في إفريقيا و العالم العربي فباستثناء المملكة العربية السعودية و دولة جنوب إفريقيا تأتي مصر في الصدارة عربيا و إفريقيا من حيث الناتج الداخلي الوطني الإجمالي الخام ومعدل الدخل الفردي وتندرج مصر ضمن مجموعة الدول ذات مؤشر التنمية البشرية المتوسط.
2- أحدثت الإصلاحات تحولات كبرى في اقتصاد مصر :
مرت الإصلاحات المصرية عبر مرحلتين رئيسيتين :
*مرحلة الاشتراكية:مرحلة الإصلاحات الناصرية ما بين 1952-1971 تميزت باتجاه مصر نحو الاقتصاد الموجه والتنظيم التجاري وتأميم وسائل الإنتاج في قطاعات الفلاحة الصناعة التجارة ومراقبة الدولة للقطاع التجاري مما مكن مصر من تحديث وتقوية بنيتها وقطاعاتها الاقتصادية خاصة الفلاحة و الصناعة .
* المرحلة الليبرالية : الإصلاحات الليبرالية انطلقت مند بداية السبعينات 1971 إذ بدأت مصر تتخلى تدريجيا عن مكتسبات الثورة الناصرية و اتجهت إلى الانفتاح و اقتصاد السوق و خوصصة وسائل الإنتاج في قطاعات الفلاحة و الصناعة و التجارة و أيضا تحرير المبادلات الداخلية و الخارجية مما مكن مصر من جلب الاستثمارات الأجنبية و تحرير الاقتصاد و تشجيع المبادرة الحرة.
III--يتميز  قطاع الفلاحة و الصناعة في مصر بخصائص :
* الفلاحة: تعاني الفلاحة المصرية من اكراهات طبيعية كضعف المساحة القابلة للزراعة التي لا تتعدى 4 % و نذرة التساقطات وينحصر معظم الأراضي على طول ضفتي واد النيل و في الدلتا وبعض الواحات حيث تمارس زراعة مسقية و كثيفة  اعتمادا على مياه الوادي و الأراضي الخصبة التي توفرها ضفاف النيل مما يوفر إمكانية النشاط الفلاحي (تربة + ماء) الشيء الذي يعطي منتوجا فلاحيا متنوعا (حبوب،حوامض، قصب السكر ، قطن، شمنذر ....)كما تحقق الفلاحة المصرية رتبا لا بأس بها عالميا، أما تربية الماشية فتضل قطاعا ضعيفا رغم الجهود التي تبذل لتطويره
* الصناعة: تهيمن على القطاع الصناعي في مصر الصناعات الاستهلاكية والتحويلية كالصناعات الغذائية وصناعة النسيج والكيماوية. بينما ظلت الصناعات الأساسية متواضعة.ومن أهم المراكز الصناعية بمصر السويس،أسيوط،أسوان،القاهرة، الإسكندرية ....وتختزن  الأراضي المصرية ثروات معدنية وطاقية كالفوسفاط والحديد والغاز الطبيعي والبترول
VI- يلعب القطاع الثالث دورا كبيرا في اقتصاد مصر :
* السياحة : تشكل السياحة قطاعا حيويا في الاقتصاد المصري بحيث تساهم ب 26.5 من مداخل مصر من العملة الصعبة، وقد شهدت تطورا كبيرا خلال الآونة الأخيرة (العقدين الأخرين) مما أدى إلى تضاعف عدد السياح الوافدين على مصر وتستفيد من عدة مؤهلات طبيعية وتجهيزية (البنية التحتية السياحية) وحضارية: (دور الموقع الجغرافي / تنوع  المناظر لطبيعية / ارتفاع الأيام المشمسة السنة / تطور البنية التحتية / الخدمات السياحية من فنادق و قرى سياحية و مواصلات / غنى الإرث التاريخي للحضارة  الفرعونية/ الترفيه / الطبخ .....)  .
* التجارة الخارجية : تلعب قناة السويس دورا اقتصاديا مهما  إذ تساهم بحوالي 11.1% من دخل مصر من العملة الصعبة وتهيمن المواد الأولية على صادراتها والتي توفر 14.2% من مداخل مصر من العملة الصعبة بينما تتشكل معظم الواردات من مواد مصنعة وتجهيزية لذلك فالميزان التجاري المصري يعاني عجزا نظرا لارتفاع قيمة الواردات والتي تعدت 15.4 مليار دولار سنة 2000 بينما لم تتجاوز قيمة الصادرات 7.1 مليار دولار .
خاتمة :يواجه الاقتصاد المصري مشاكل هيكلية و بنيوية منها ما هو طبيعي وبشري ومنها ما يرتبط بالاختيار السياسي و الاقتصادي الذي أدى إلى الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و جعلت البلاد في تبعية  الرأسمالية الخارجية . 
TAG

عن الكاتب :

أستاذ الاجتماعيات، شاعر،كاتب،إعلامي، وفاعل جمعوي للتصال الاكتروني :jilaliprof@gmail.com

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *