صار معروفاً للكثير من الناس أن إريك فروم مختص بالعلاج النفسي. فقد زاول التحليل النفسي أكثر من خمسين سنة؛ وكان في أكثر من أربعين سنة نشيطاً في "نيويورك" و"مدينة مكسيكو" بوصفه مدرّساً ومشرفاً ومحاضراً جامعياً في معاهد تدريس التحليل النفسي والتدريب عليه. وما من شخص صاحبه في التحليل النفسي إلا آنس عدم هوادته بوصفه ناشداً للحقيقة ومرشداً نقدياً بمثل ما آنس قدرته الخارقة للعادة على التعاطف، وحميميته، وفورية علاقته بالآخرين.
وعلى الرغم من أن فروم قد خطّط مراراً وتكراراً للكتابة والنشر عن منهجه العلاجي الخاص، لم تتحقق تلك الخطط. ولهذا فإن الإيضاحات المكتوبة عن أسلوب فروم في التفاعل مع المرضى الذين يقعدون قبالته ومع المحللين والزملاء الذين يتدربون على يديه ذات قيمة دائمة. وعلى المرء أن يذكر، قبل كل شيء، أعمال آر. يو. أكرت R. U. Akeret (1975)، ج. شرزانوفسكي (1977, 1993) G. Chrzanowski، ر. م. كراولي (1981) R. M. Crowley، د. إلكين (1981) D. Elkin، ل. إبشتاين (1975) L. Epstein، أ. هـ. فاينر (1975) A. H. Feiner، أ. غورِفيتش (1981) A. Gourevitch، أ. غراي (1992, 1993) A. Grey ، م. هورني إكارت (1975, 1982, 1983, 1992) M. Horney Eckardt، ج. س. كْوِيوِر (1975, 1991) J. S. Kwawer، ب. لانديس (1975, 1981, 1981a) B. Landis، ر. م. لسر (1992) R. M. Lesser، "ب. لوبان ـ بلوتسا" و"يو. إغلس" B. Luban - Plozza and U. Egles (1982)، م. نوريل (1975,1981) M. Norell، د. إ. شكتر (1971, 1981, 1981a, 1981b) D. E. Schecter، ج. سليبا غارسيا (1984, 1990) J. Silva Garcia، ر. شبيغل (1981, 1983) R. Spiegel، إ. س. تاوبر E. S. Tauber (1959, 1979, 1980, 1981, 1981a, 1982, 1988)، "إ. س. تاوبر" و"ب. لانديس" (1971) E. S. Tauber and B. Landis، إ. ج. فيتنبرغ (1981) E. S. Witenberg، ب. وولشتاين (1981) B. Wilstein، بالإضافة إلى إسهامات تلامذة فروم المكسيكيين التي ظهرت في مجلة Revista des Psicoanálisis, Psychiatry y Psicologia من 1965 إلى 1975 وفي المنشورات اللاحقة (Memoria, Anuario) التي أصدرها المعهد التحليلي النفسي في المكسيك، الذي أسّسه فروم. وإسهامات "م. باتشيا غالوبي" M.Bacciaga- logia (1989, 1991, 1991a, 1993, 1993a)، "م. باتشياغالوبي" و"ر. بيانكولي" (1993) M. Bacciagaluppi and R. Biancoli، ر. بيانكولي (1987, 1992) R. Biancoli، د. بورستون (1991) D. Burston، م. كورتينا (1992) M. Cortina، ر. فونك (1993) R. Funk، ل. فون فيردر (1990) L. Von Werder تعتمد على الأعمال المذكورة أعلاه، وجزيئاً، على مخطوطات فروم غير المنشورة من قبل.
ويمكن للمرء أن يعدّد على عجل ما نشره فروم في مسائل تتعلق بالعلاج التحليلي النفسي: الفصل الخاص بفهمه للأحلام في (E. Fromm, 1951a)، والنص المتصل بـ "حالة هانس الصغير" عند فرويد (E. Fromm, 1966k)، والتأملات المتعلقة بالمسائل العلاجية ـ التقنية (المتفرقة في كل كتاب E. Fromm, 1979a، وكذلك في قسم "إعادة النظر في العلاج التحليلي النفسي" في E. Fromm, (pp. 70- 80) 1990. ومقابلة ريتشارد آي. إفانز Richard I. Evans' 1963 مع إ. فروم المتصلة بمسائل عن مفهوم فروم للعلاج، التي ظهرت في الإنجليزية والإيطالية وعدة لغات أخرى والتي نشرها إفانز ضد مشيئة فروم (E. Fromm, 1966f)، لا يمكن أن تفيد في أن تكون مصدراً، ما دامت "فيما أرى [فروم] لا تقدم أي تبصّر مفيد للعمل" ولا تمثّل "تمهيداً ولا نظرة عامة إلى العمل." وقد جرى نقل بعض العبارات التي قالها فروم في هذه المقابلة من الشريط كلمة بكلمة وتضمينها في الكتاب الحالي.
وليست النصوص المنشورة بعد وفاة مؤلفها في هذا الكتاب كتاباً مدرسياً حول العلاج التحليلي النفسي؛ ولا هي بالبديل من عدم وجود شرح فروم لما يسمى تقنية التحليل النفسي. فليس مصادفة أن فروم لم يكتب كتاباً مدرسياً عن العلاج التحليلي النفسي ولم يؤسس مدرسته في العلاج. فالوجه الخاص لمنهجه العلاجي لا يمكن أن تحيط به "تقنية تحليلية نفسية" وهيهات أن يختبئ المحلل النفسي خلف "اعرف كيفية" توفير العلاج.
إن الكتاب الحالي لا يتحدث عن التقنية التحليلية النفسية؛ وفعلاً، ففي رأي فروم، وضد زعم الكتب المدرسية عن التقنية التحليلية النفسية، لا وجود لمثل هذا الأمر. ومهما يكن، فالنصوص في هذا الكتاب تقدّم المعلومات عن فروم المعالج النفسي وطريقته في معالجة مكابدات الناس في زمننا. ولا يتمثّل منهجه العلاجي بالنظريات والتجريدات المسهبة، ولا بـ "الانتشالات" التشخيصية التفاوتية لـ "المادة المريضة"، بل بالأحرى بقدرته على الإدراك الفردي والمستقل للمشكلات الأساسية للإنسان. ورؤية فروم القائمة على المذهب الإنساني تسري في أفكاره عن المرضى وكيف يتعامل معهم. فلا يتمّ النظر إلى المريض على أنه النقيض؛ والمريض ليس شخصاً مختلفاً في الأساس. والتضامن العميق يمكن تبيُّنه بين المحلِّل والمحلَّل. ويفترض هذا التضامن أن المحلِّل قد تعلّم كيف يتعامل معه أو معها ولا يزال مستعداً للتعلّم بدلاً من الاختباء خلف "تقنية تحليلية نفسية". فالمحلِّل هو مريضه القادم، ويغدو مريضُه، بالنسبة إليه، محلِّله. وفي مقدور فروم أن يقيم وزناً للمريض لأنه يقيم وزناً لنفسه. ويستطيع أن يحلل المريض لأنه يحلّل نفسه بردود فعل التحول العكسي التي يثيرها المريض فيه.
ولم يوجد أي نص من النصوص المنشورة في هذا الكتاب على شكل مخطوط؛ وإنما هي بالأحرى نسخ باللغة الإنجليزية منقولة من تسجيلات المحاضرات والمقابلات وحلقات البحث. وقد حاولت أن أحافظ على طابع الكلمة المنطوقة للنصوص التي تُنشر الآن أولَ مرة، وكانت في العادة تُلقى من دون أُمليات مطبوعة. وباستثناء القسم الأخير، فإن تقسيم النصوص وتسلسلها ووضع العنوانات قد تم اختيارها، أي هي من إضافتي. وفيما عدا ذلك، أشرت في النص إلى الإضافات المهمة بالإضمامات [ ]. والنسخ الإنجليزية المنقولة موجودة في محفوظات إريك فروم Germany) (Ursrainer Ring 24, Erich Fromm Archives D- 72076, Tűbingen, .
يحمل القسم الأول من الكتاب الحالي عنوان العوامل المؤدية إلى تغيّر المريض في المعالجة التحليلية ويؤلف نص المحاضرة التي قدّمها فروم في 25 أيلول، 1964 حول أسباب تغيّر المريض في المعالجة التحليلية في "جمعية هاري ستاك سوليفان" بمناسبة تخصيص البناء الجديد لـ معهد وليم ألانسون هوايت للطب النفسي في نيويورك. وهذه المحاضرة بارزة بوجه خاص لأن فروم يميّز فيها بين العُصاب الخبيث والعصاب غير الخبيث ويُظهر بوضوح شديد حدود المعالجة التحليلية النفسية (انظر كذلك: E. Fromm, 1991c، الذي نُشرت فيه هذه المحاضرة جزئياً.)
ويشتمل القسم الثاني ("الجوانب العلاجية للتحليل النفسي") على مقتطفات من حلقة بحث كان فروم، بالاشتراك مع برنارد لانديس Bernard Landis قد قدّمها لطلاب علم النفس الأمريكيين في حلقة بحث مدتها ثلاثة أسابيع في لوكارنو Locarno سنة 1974. وفي السنوات التالية، كانت محاضرات حلقة البحث هذه، التي بلغ حجمها /400/ صفحة، قد أعدّتها سكرتيرته جوان هيوز Joan Hughes، على أساس التسجيلات ثم قام فروم بتنقيحها في بعض جوانبها. وكان فروم ينوي في الأصل أن يدمج أجزاء هذه النسخة المنقولة في كتاب عن العلاج التحليلي النفسي. وكان يُفترض أن يعالج القسم الأول من هذا الكتاب تحديدات الفهم الفرويدي. وكتب فروم مخطوط هذا القسم بعد أن أنهى كتابه أن نملك أو أن نكون في سنتي 1976 و1977. أما القسم الثاني، الذي من أجله نقّح نسخة حلقة بحث 1974، فقد كان يُفترض أن يعالج موضوعات المنهج العلاجي. ومهما يكن، فإن نوبة قلبية عنيفة في خريف 1977 قد حالت دون تواصل عمله في هذا الكتاب، وهكذا فإن القسم الأول منه، وهو البحث في التحليل النفسي عند فرويد، قد نُشر سنة 1979 بمعزل عن أن يكون القسم الثاني من الكتاب المخطط لـه (انظر E. Fromm, 1979a).
والأجزاء المنشورة هنا من نسخة حلقة بحث 1974 تزوّدنا بمعلومات أصلية المصدر لا عن فروم المعالج وحسب (معلومات تُثريها بوجه خاص ملاحظاته حول بيان حالة يقدّمه برنارد لانديس في حلقة البحث)، بل كذلك عن إدراكه أحوال عصاب الطبع الحديث وضرورة المستلزمات الخاصة في معالجتها. وقد توسّع بعض أقسام حلقة بحث 1974 بالأقوال التي قالها فروم سنة 1963 في المقابلة التي سبق ذكرها. والقسم الأخير، الذي يحمل العنوان الذي صاغه فروم نفسه "التقنية" التحليلية النفسية ـ أم فن الإصغاء قد كتبه قبيل وفاته سنة 1980 وكان من المفترض أن يمهّد لنشر أجزاء المحاضرات المقدّمة في حلقة بحث 1974.
توبنغن، كانون الثاني 1994.
رايـنر فــونك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق